مواجهة الدولة ( للتخلف ) باستخدام التربية والتعليم

مواجهة الدولة ( للتخلف ) باستخدام التربية والتعليم
تربيتنا العائلية اليوم ليست على ما يرام ,وبالنسبة لبعضنا فهو مقتنع تماما بان ما يقوم به او مما يهمله كاف تماما لإنتاج عائلة يتباهى بها امام المجتمع ,معتمدا على قناعات شخصية فردية, وعلى مناهج الانترنت .او تقليد الاخر التقني المتطور ,ويشعر اي واحد منا ان تراثه التاريخي او تقاليده اصبحت غير كافية وليست مرنة لإنتاج توازن نفسي داخل عائلته الصغيرة ,وهو غير مستعد واقصد رب العائلة على المجازفة باستدعاء ما تربى عليه سابقا , وجعله نموذجا يحتذى به في قبال التطورات السريعة في افراز القيم الجديدة ,القيم التي مصدرها عامل تكنولوجي ومستورد ولم تثبت فاعليته بعد ,سوى على مستوى الشكل (الستايل )( والديكور) ,لكي يتم تقبله اجتماعيا وانسانيا .وليست هناك مناشدة لكرامة او غيرة او تشفي بتراث اجداده او عائلته العريقة في صور معلقة قديمة تبعث على الهيبة والمركزية والغنى التاريخي من مواقف وذكريات مشرفة , لن تتكرر بسهولة ؟
اننا نشهد القفز بعيدا عن مرتكزات علم التربية المصان بالنظريات والمناهج الحديثة والانطلاق من قيم مجتمع رصينة عززتها الآيات القرآنية وهذبتها السنن النبوية ولم تفارقها العناية المركزة المتفردة لمبادئ اهل البيت عليهم السلام ولم تهمل تماما من قبل العوائل الرصينة الملتزمة، اليوم يتم استبعاد كل هذه المنتوجات القديمة الاصيلة والمعاصرة عبر الزمن والامثلة كثيرة جدا.. لا احد يستطع انكار حزم القيم التربوية التي تم تغذية المجتمع بها من قبل اباءنا الأوائل واجدادنا القريبين ولكن حد الان تبدو هذه القيم يتم التنازل عنها وكأن السعي ال تحقيقها غير جاهز , بسبب ضيق الوقت في عالم اليوم … ولكن فكرة ان تترك الاولاد في غابة العصر الحديث تجعله (أورفيس ) ,حيث مازالت الغابات المتوحشة , تطلق نداءات منتصف الليل للمتعة والتفرد والاستقلالية , وتمتد شيئا فشيئا في عقل التلميذ والشاب ,انه يشعر بالوحدة في غابات التكنولوجيا الممتعة ,وقد بقيت منه اجزاء لم تمزق حد الان ,قطعت العائلة الاف الدقائق في حياة ابنائها لتتركهم في اشد الاوقات ضراوة ووحدة وعزلة ,وكذلك افضل اوقات المتعة ان تجد من يضاحكك واهلك في غير واد ,هكذا يتم صناعة ذات الشاب والشابة بعيدا عن الاهل ؟؟
ان معظم اولادنا حد اللحظة هم ناجون من معارك الليل والنهار، وربما سقط بعضهم بالضربة القاضية ولا نعلم؟ ربما لم يتم تدميره بشكل كامل، ولكن قطعا سيأخذ معه تلك الصورة معه اينما حل وسيكون الفارق في المستقبل الذي يحمل توقعاته حتما؟ ولكن هل يمكن للعائلة ان تدرك بعض مخاطر التربية السيئة في اولادها بشكل مبكر؟ وقبل فوات الأوان؟؟؟
الواقع اليومي؟
أولادنا اليوم.. يشبهون الاراضي العطشة الى كل شيء بحكم المراهقة، والإهمال وغياب التربية الحقيقية، انهم ضحايا الإهمال الحكومي تماما وغياب العائلة بحكم انتماء العائلة الى (نماذج الهاء رسمي او تعبوي او استهلاكي طاغ)، للمراهنة على الالهاء المزمن للاب والام والانغماس لتشكيل وتقوية الذاتيات الفردية للأبوين، تكتشف العائلة فيما بعد انها فعلا قادرة على صناعة قنابل موقوتة.. تأتي لحظتها وتنفجر الى شظايا وفضائح وامراض نفسية واجتماعية عديدة؟؟؟
17 عاما يقضيها الشاب والشابة بين افكاك التربية والتعليم العالي ,ولكن ماهي قيمة ما تنتجه الدولة تجاههم ,هل يمكن لدولتنا ان تنتبه الى ان مناهج التربية والتعليم تحتاج الى قرارات اكثر واقعية ومنطقية من التي هي موجودة الان ,وهل ان كفاءة المعلمين والمدرسين والأساتذة قادرة فعلا ان تملا واجباتها المعنية بها ام تركت اغلبه للصدف والمفاجئات والاجتهادات الفردية لتبدل القرارات والتعليمات حسب كل وزير وما يرغب به الحاكم الفعلي في الوزارات ,اذا لطالما صبغت القرارات بالوان مختلفة متناقضة تجعل الاثار المرتبة بها مستمرة ومؤذية ..
أسباب التربية والإهمال الحكومي والعائلي؟
الملف الثلاثي الابعاد المسؤول الامامي وخط المواجهة تجاه عمليات الاستلاب الثقافي والقيمي التي تفعل فعلها يوميا قنوات التلفاز والانترنت وتنتج اثر ذلك مجتمعا عائليا يأخذ اخلاقياته ومبادئه وتجلياته من شبكة العنكبوت (شبكة النت ),هذه الأجيال ترى التناقض الواسع والكبير بين قيم فئات المجتمع والتي يعتقد انها كلاسيكية ونمطية ولا تواكب العصر ومتطلباته او بين المجتمعات التربوية التقنية ورمزياتها المعقدة بالنظر الى الانفتاح والتحرر الذي تنشده وسائل الاعلام ,اذا نحن هنا بين عاملين كبيرين ,تمت تجربة العامل الأول ولم يتم الاستمرار عليه ,بسبب خلوه من الجاذبية فقط ( تحذيرات / توجيهات / مخاوف / تقييد حريات ؟؟؟؟؟) ,يبدو هكذا من وجهة نظر الحداثويين الجدد وبناة المستقبل التكنولوجي، ويمكن ذكر بعض المدخلات المسببة الى تراجع دور العائلة في التربية الحديثة
– تراجع الأداء الحكومي التربوي , وتردي اداءات النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي عن الأداء يخلق نموذجا من الاحكام الفردية المنقوصة بحكم ان إدارة الدولة يجب ان تكون انموذجا يحتذى به ومعبرا عن اخلاقيات الدولة من خلال البناء والاعمار والاهتمام بالبيئة وشيوع المصداقية ,ومن خلال المتابعة تجد الشاب والشابة وعبر متابعاته لوسائل الاعلام ,او ما يستمع اليه من خلال نقاش هنا وهناك ,بان الطبقة السياسية ( سارقة , فاسدة , متخلفة ) مما يضيع الامل عند الشاب بان الأمور والمشكلات تنبع من القادة وبان القرارات التي تنتجها الدولة غير كافية مما يولد شكوكه نحو كل شيء يتعلق بالشعارات او القيم والمبادئ , مما يؤدي الى غياب الفرص بالقناعة بوجود أصول او قواعد او قوانين تنظم حياته .فتجعل الشاب يتجه نحو الالهاء والعبثية هروبا من الواقع المعاش ؟؟
– عمليات التضليل الإعلامي الموجهة نحو هذه الشرائح، والواضح جدا بان طبقات الشباب على مختلف أعمارهم يتعرضون الى غزو ثقافي يقوم على تهديم القيم والمبادئ الإنسانية والدفع باتجاه الترفيه .
– صناعة رمزيات اجتماعية او سياسية او رياضية من خلال وسائل الاعلام تكون هي منتجة لرسائل إعلامية تتجاوز الاخلاقيات او الموضوعية وانما تكون قائمة على الاثارات والمواقف الشخصية؟؟
– خلق رمزيات جماهيرية من طبقات اجتماعية متدنية، تشتهر عبر وسائل الاعلام (باب الترفيه والسخرية والايحاء) وتبحث في كل موضوع اشهاري (وتصنع الجرأة في طرح كل شيء بلا اعتبار لاي معطى قيمي او أخلاقي ) والعمل على تضعيف النظر الى موجودات الحياة والاكتفاء بالترفيه فقط كنموذج حياتي بديل بقبال الواقع المفسد
– تركيز وسائل الاعلام على ايقاظ صفات التمرد والاستقلالية بحجة التعبير عن الرأي والتعبير عن الحريات بعيدا عن مرتكزات القيم والأخلاق
– تعمل وسائل الاعلام على انسلاخ المجتمع نحو الفردانية في كل شيء وغياب العقل الجماعي تجاه حل المشكلات .
– التلقي الإعلامي الفردي من خلال الاعلام الجديد بمعنى ان لكل فرد فرصة كبيرة بالتلقي الإعلامي الطوعي نحو مكتشفات الألعاب والبرامج الترفيهية دون مراقبة او رصد اعلامي .
– اهمال السلطة الحكومية لمخرجات الشباب وتغييب ساحة العمل الوطني في فعاليات رص صفوف المجتمع نحو البناء وعدم الإفادة من خريجي الكليات والجامعات بالشكل العلمي والمنطقي المقبول
– الاعتماد على مخرجات رسائل الاعلام اللحظي واليومي والتي تحاكي الصراعات النفسية والاجتماعية التي يعيشها الفرد بعيدا عن الاهل وجماعات الضغط الاجتماعي ,مما يؤلد انكفاءا داخليا مؤلما بالنسبة للشباب
– دخول العوائل في مضمار التقليد والتكرار لنماذج غريبة في الملبس والماكل وطرق تقليد النوازع الاجتماعية الاستهلاكية ,مما يوفر بيئة طاردة للفعل الإيجابي الممهور بالاصالة .
ماهو الحل
في هذا الحيز من الكتابة يمكن طرح بعض التوصيات التي يمكن بمحاولة مناقشتها من قبل قادة القرار الحكومي والمتخصصين في مجالات التربية والتعليم الى الالتفات الى مايلي :
– عقد مؤتمر تخصصي يجمع التربية والتعليم لاعادة قراءة المناهج وتطويرها بما يضمن حصول الطالب على كميات معرفة جمالية وثقافية وتعديل طرق التدريس بما يضمن الجاذبية المتطلبة لاحياء المزاج العلمي للطالب وتعزيزه دوما باشراك الطلبة دوما في استطلاعات راى شفاهية او ميدانية علمية او مراقبة الأداء التعليمي
– مراقبة ورصد الاجتهادات التعليمية بالنسبة للفرد (المعلم – المدرس – الأستاذ ) في تحويل المادة الى منهج متقبل وجاذب ومرن
– تفعيل الرصد الحكومي للقنوات الإعلامية والعمل على تحييد تاثيرات وسائل الاعلام وتطبيقاته المنوعة من خلال ( المحددات واستخدام الفلاتر وحراس البوابات ) على المستوى الوطني لحماية الأجيال من استقبال الحزم الفضائية والالكترونية التي لاتتوافق مع طبيعة المجتمع )
– تطوير مساحات المعرفة الجمالية من خلال صناعة فضاءات ترفيه كافية اثناء الرحلة التعليمية من الابتدائية حتى التعليم الجامعي
– تطوير البنى التحتية للمؤسسات التربوية والتعليمية الجامعية ,بما يخلق إمكانية الايمان بالدولة ورسالتها العلمية وتهياة كل متطلبات التعليم والتربية المتطورة

لا توجد تعليقات على “مواجهة الدولة ( للتخلف ) باستخدام التربية والتعليم”