الصحة النفسية والتفاعل الاجتماعي : علاقة عكسية

ترتكز التنمية على ثلاثة محاور اساسيه (الصحة، التعليم، الدخل) الامر الذي يبين اهمية الصحة، ليتم تسليط الضوء عليها في تقارير التنمية البشرية من خلال بيان معدلات الولادات والوفيات وكيفية توفير الخدمات التي تساهم في الحفاظ على صحة الاجيال الحالية والاجيال القادمة، فالصحة تعد حجر اساسي في علميات التنمية المستدامة بدونها لا يمكن الوصول الى مستوى اقتصادي اجتماعي وتعليم جيد داخل المجتمع .

فلا تقتصر الحصة على جانب واحد مرتبط بالناحية العضوية للجسم الذي يمكن معالجته باستخدام العقاقير الطبية اذ عانى الانسان من مرض يعيق حركته، وإنما هناك جانب مهم يتمثل في الصحة النفسية للانسان، تؤثر الصحة النفسية تأثيرا كبيرا على حياة الانسان حسب علماء النفس والاجتماع ، وتعكس اثرها على التفاعل الاجتماعي للفرد وقدرته على الانجاز والتقدم الى الامام، لاسيما ان مظاهر الصحة النفسية مرتبطة بالأسرة والمجتمع، اصبح للجانب النفسي الدور الاول في معالجة الجانب العضوي في اغلب الاحيان، عرفت منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية “حالة العافية التي يحقق فيها الفرد قدراته الذاتية، ويستطيع مواكبة ضغوط الحياة العادية، ويكون قادر على العمل الإيجابي والمثمر، ويمكنه الإسهام في مجتمعه”.

فحسب تعريف منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية تمثل جانبا مهم في حياة الانسان تلعب دورا كبير في تقدم الانسان وبناء شخصيته وقدرته على مواجه الظروف والمواقف التي تحيط به،  فقد يتعرض الانسان الى الاحباط والفشل الفقدان الخذلان التهجير الامر الذي يولد داخله مشاعر متضاربة، يفقد عدم القدرة على الاندماج مع الاخرين لتبلور داخله مشاعر الخوف والقلق والتوتر وعدم الرغبة في الحياة وانعدام الثقة والضعف.

اذن الصحة النفسية تنظيم متسق بين عوامل التكوين العقلي وعوامل التكوين الانفعالي للفرد، إذ يراد بهذا التنظيم تحديد استجابات الفرد الدالة على الاتزان الانفعالي وتوافقه الشخصي  والاجتماعي وتحقيق الذات. إن الربط ما بين الجانب العقلي وما يتضمنه من عوامل (الذكاء القادر على عملية التفكير والابتكار والتحصيل والمعرفي من جهة والجانب الانفعالي وما يتضمنه من ميول واستجابات شخصية واجتماعية من جهة اخرى، فالفرد الذي يتمتع بهذه الخصائص يتصف بصحة نفسية سليمة[1].

يمكن ان ندرك الدور الكبير لعمليات الصحة النفسية فنحن كبشر اليوم بحاجة ماسة الى الاهتمام بالجانب النفسي من اجل التخلص من المشاعر السلبية التي يمكن ان تتكون داخلنا نتيجة التراكمات الاجتماعية، النفسية ، الثقافية ، مجرد ان نهملها تسبب عقد تعيق قدرتنا على التقدم والتكيف، لذلك يحتاج افراد المجتمع العراقي اليوم الى بيان العلل النفسية التي تحدث في حياتهم والعملعلى مواجهتها وعدم اهمالها بسبب الضغوط التي تعرضوا لها التي اثرت بشكل كبير على الجانب النفسي، لاسيما ان فقدان الاهل والمنزل والتهجير الى جانب عدم النجاح في احد جوانب الحياة اليومية،  كلها عوامل اثرت بشكل مباشر على عمليات التفاعل الاجتماعي للفرد وجعلت منه شخص ضعيف غير قادر على مواجهة الحياة من اجل البدء من جديد او حتى على  اكمال المسير، لذلك نرى اليوم حدوث الكثير من المشكلات الاجتماعية ذات الابعاد نفسية منها (الانتحار، جرائم القتل ، المخدرات)

اذن يمكن القول بان الصحة النفسية لا تقل اهمية عن الصحة العضوية  لذلك نحن اليوم بحاجة ماسة الى وجود مراكز نفسية اجتماعية تقدم الاستشارات النفسية وتعلمنا كيفية تجاوز المواقف التي يمكن ان تقف في طريقنا وتخلق داخلنا الخجل والتردد والخوف وعدم القدرة على فعل أي شيء، مراكز تجعل الفرد يتمتع بدرجة من المرونة  تتيح له الفرصة على التعامل مع المتغيرات التي يمكن ان تواجها في حياتة اليومية .

 

[1] مجذوب احمد محمد احمد قمر ،  الصحة النفسية والذكاء الوجداني وعلاقتها ببعض المتغيرات (دراسة على عينة من طلبة كلية مروي التقنية) مجلة العلوم النفسية والتربوية السودان ، 2016 ، ص162.

 

 

لا توجد تعليقات على “الصحة النفسية والتفاعل الاجتماعي : علاقة عكسية”